المفقودون في سوريا يمثلون إحدى أكثر القضايا الإنسانية إلحاحًا وتعقيدًا في النزاع السوري المستمر منذ أكثر من عقد. فقد اختفى عشرات الآلاف من السوريين قسرًا، من مختلف الأطياف والانتماءات، على يد أطراف متعددة، تاركين خلفهم عائلات تعيش في دوامة من الألم والانتظار واللا يقين. هذه القضية لا تقتصر على الغياب الجسدي، بل تمسّ جوهر العدالة وحقوق الإنسان، إذ ترتبط بانتهاكات جسيمة مثل الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإخفاء القسري.
نيويورك، في خطوة تاريخية على طريق كشف مصير المفقودين في سوريا، قدّمت كارلا كينتانا، رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية، أول إحاطة غير رسمية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ توليها منصبها.
وفي كلمتها، قالت كينتانا:
“منذ عامين فقط، أنشأت هذه الجمعية مؤسسة فريدة من نوعها، قائمة على مبدأ أخلاقي أساسي: إيصال الحقيقة لعائلات المفقودين في سوريا عبر البحث عن أحبائهم. نحن مدينون بذلك لتلك العائلات – وخاصة النساء السوريات – اللواتي قادت جهودهن الحثيثة إلى إنشاء هذه المؤسسة.”
وأكدت كينتانا أن المؤسسة خطت خطوات تأسيسية مهمة خلال العام الماضي، شملت:
-
تعيين موظفين تقنيين
-
إعداد النصوص التوجيهية وخطط العمل
-
رسم خرائط للجهات الفاعلة والأحداث والمواقع
-
إنشاء مركز بيانات آمن ومنصة تحليل متكاملة
-
تطوير إطار قانوني لمعالجة المعلومات
-
إطلاق سجل خاص بالمفقودين
-
استخدام تقنيات متقدمة لعمليات البحث الميداني
كما أشارت إلى تنفيذ زيارات داخل سوريا وبناء شراكات فعّالة مع السلطات المؤقتة، في تطوّر غير مسبوق منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، في سبيل الوصول إلى أكبر قدر من المعلومات حول المفقودين وتقديم الدعم لعائلاتهم.
وخلال الإحاطة، شدد المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية على التعاون القائم بين المؤسسة المستقلة والهيئة الوطنية للمفقودين، وأكد دعم الدولة الكامل لعمل المؤسسة وتوفير التسهيلات اللازمة لمهمتها، بما يسهم في كشف مصير المفقودين.
من جانبها، شدّدت كينتانا على ضرورة الدعم الدولي، قائلة:
“ندعو الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم السياسي والمالي والتقني اللازم لضمان إحراز تقدم مستدام، وتقديم المساعدة للعائلات التي تعاني منذ سنوات من الغياب واللا يقين.”
كما أكدت على أهمية العمل المشترك مع وكالات الأمم المتحدة والجهات الدولية المعنية بقضية المفقودين، وأضافت:
“لا أحد يمكنه أن يعالج بمفرده أزمة المفقودين. يجب أن يكون السوريون في موقع القيادة، ونحن هنا لندعمهم بكل السبل.”
واختتمت كينتانا بالإشارة إلى أهمية المقاربات المقارنة والتجارب العالمية في هذا المجال، مؤكدة أن المؤسسة ستواصل العمل جنبًا إلى جنب مع السوريين من أجل الوصول إلى الحقيقة والعدالة، وتوفير الإجابات التي ينتظرها ذوو المفقودين في سوريا.
📎 لقراءة الخطاب كاملاً، اضغط هنا